كيف تؤثر القوى العاملة الشابة في آسيا على الاستثمار فيها؟
يرى كثيرون أن القرن الحادي والعشرين هو الوقت المناسب "لآسيا الشابة"، لأنه قد يحمل في طيّاته نموّاً وازدهاراً اقتصادياً لها. ولكن هناك مَن يغفل عن حقيقة أن أكبر الأسواق الآسيوية وأكثرها تطوراً هي تلك التي يكون معظم سكانها من الكبار في السن، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة؛ فإنه من المتوقع أن تفقد القوى العاملة الآسيوية حوالي 145 مليون عامل؛ حيث سيتواجد أغلبهم في الصين. ولكن، من الممكن أن يزدهر مستقبل آسيا الاقتصادي بفضل النمو المتزايد حيث سيتم إضافة 300 مليون عامل جديد إلى القوى العاملة العالمية والتي ستأتي من العديد من الدول مثل الهند وباكستان وإندونيسيا وبنغلاديش.
ويتماشى ذلك مع التوقعات الصادرة عن شركة ناتيكسيس التي ذكرت أنه بحلول عام 2040 سيتم تقسيم آسيا إلى قسمين: دول ذات شعوب متقدمة في السن والتي ستفقد عدداً من عمالها، ودول ذات شعوب فتيّة والتي تضم عدداً كبير من الشباب المقبلين على العمل، مما سيؤدي إلى خلق حلقة فرص كثيرة لا حدود لها.
إن هذه الفرص الواعدة الهائلة تُشبه إلى حد
كبير العصور الذهبية التي شهدتها العديد من الاقتصادات الآسيوية قبل عقود. ويمكن شرح هذا التشابه
بشكل مبسّط من خلال الخطوات التالية:
- توجه الدول الآسيوية
الشابة مواردها الضخمة من العمال لإنشاء البنية التحتية.
- البنية التحتية المناسبة تجذب قطاع الصناعة الخارجي العالمي.
- توسّع وتنامي الطبقة الوسطى.
- البدء في الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار بشكل أكبر.
- حدوث تغييرات على المستوى الاجتماعي، وانخفاض معدلات المواليد.
من المهم أن نلاحظ أن التركيبة السكانية التي تتميز بوجود قوة عاملة هائلة ليست كافية بالنسبة للدول الآسيوية حتى تكون قادرة على الاستمرار في التنافس الاقتصادي. ولا تزال هذه هي العوامل الأساسية والمهمة؛ وهي: بناء قوة عاملة ذات مؤهلات قوية وخلق فرص عمل مجدية للشباب بأجور ورواتب عالية بما يكفي لتعزيز وجود الطبقة الوسطى في البلاد، بالإضافة إلى وضع قوانين وأنظمة عمل مناسبة، وتسهيل عملية الاستثمار للمستثمرين الأجانب.
يبدو أن هناك دولتين آسيويتين تُظهران أفضل إمكانياتهما للوصول إلى النمو الاقتصادي، وذلك لأن لديهما نسبة عالية من الشباب وتستثمران بشكل كبير وواضح في هذه الفئة. الدولة الأولى: الهند؛ وهي الدولة الواعدة بشكل أكبر في القطاعات التصنيعية والإنتاجية والتي تضم نسبة عمالة كبيرة. والثانية: ماليزيا، التي تتمتع بقدرة كبيرة على التقدم في القطاعات ذات رأس المال الكبير. ولكن، تواجه كلاهما بعض العقبات الحقيقية، مثل الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة في قطاعي النقل والاتصالات لوضع قوتها العاملة الضخمة قيد الاستخدام، بالإضافة إلى ترددهما في اعتماد حلول الطاقة الخضراء المتجددة.
لا شك في أن آسيا تمتلك قدرة كبيرة على النمو وتوفر فرصاً لا حصر لها
للاستثمار، فقط في حال تمّت تلبية متطلباتها من الطاقة والبنية التحتية ومعالجة أوجه
القصور فيها.
وبما أنه من الصعب مالياً وإدارياً أن تقوم بتحويل اقتصادها، فيمكن للدول
الآسيوية من خلال قيامها بإدارة التركيبة السكانية بشكل مناسب، أن تجعل المستثمرين
يتوجّهون لاغتنام الفرصة والانضمام إلى الأسواق الآسيوية.